الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أسباب النزول (نسخة منقحة)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ. - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ كَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ يهجو النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، يؤذون النبي صلى اللَّه عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ أَشَدَّ الْأَذَى، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ، وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا}».
- وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ بُخَتُنَصَّرُ وَأَصْحَابُهُ، غَزَوُا الْيَهُودَ وَخَرَّبُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَأَعَانَتْهُمْ عَلَى ذَلِكَ النَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الرُّومِ. - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْعِهِمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
فَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْمَنْصُورِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ الْعُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْعَرْزَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَعَثَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، سَرِيَّةً كَنْتُ فِيهَا، فَأَصَابَتْنَا ظُلْمَةٌ فَلَمْ نَعْرِفِ الْقِبْلَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَّا: قَدْ عَرَفْنَا الْقِبْلَةَ، هِيَ هَاهُنَا قِبَلَ الشَّمَالِ. فَصَلَّوْا وَخَطُّوا خُطُوطًا. وَقَالَ بَعْضُنَا: الْقِبْلَةُ هَاهُنَا قِبَلَ الْجَنُوبِ، فَصَلَّوْا وَخَطُّوا خُطُوطًا. فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ أَصْبَحَتْ تِلْكَ الْخُطُوطُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَلَمَّا قَفَلْنَا مِنْ سَفَرِنَا سألنا النبي صلى اللَّه عليه وسلم، عَنْ ذَلِكَ فَسَكَتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الْآيَةَ». - وأخبرنا أَبُو مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ السَّمَّانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فِي السَّفَرِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَلَمْ نَدْرِ كَيْفَ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا عَلَى حِيَالِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذلك للنبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَنَزَلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}». وَمَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ الْآيَةَ نَازِلَةٌ فِي التَّطَوُّعِ بِالنَّافِلَةِ. - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أُنْزِلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أن تصلي حيثما تَوَجَّهَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ، فِي التَّطَوُّعِ. - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: «إِنَّ النَّجَاشِيَّ تُوُفِّيَ فَأَتَى جبريل النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ النَّجَاشِيَّ تُوُفِّيَ فَصَلِّ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أصحابه أَنْ يَحْضُرُوا، وَصَفَّهُمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَقَدْ تُوُفِّيَ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَيْهِ. فَقَالَ أَصْحَابُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فِي أَنْفُسِهِمْ: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ مَاتَ وَهُوَ يُصَلِّي لِغَيْرِ قِبْلَتِنَا. وَكَانَ النَّجَاشِيُّ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى مَاتَ وَقَدْ صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}». - وَمَذْهَبُ قَتَادَةَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بقوله تعالى: {وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وَقَالَ: أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ شَأْنُ الْقِبْلَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} قَالَ: فَصَلَّى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَرَكَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، ثُمَّ صَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ. - وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيِّ: إِنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ- وَكَانَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا الْيَهُودَ- أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ، فَاسْتَقْبَلَهَا بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَكَانَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، يُحِبُّ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا صَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا ارْتَابَ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ، وَقَالُوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}.
- وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قَالَ: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ بَأْسَهُ بِالْيَهُودِ لَآمَنُوا». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: {وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم}.
- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا فِي الْقِبْلَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ يَهُودَ الْمَدِينَةِ وَنَصَارَى نَجْرَانَ كَانُوا يَرْجُونَ أَنْ يصليَ النبي صلى اللَّه عليه وسلم، إِلَى قِبْلَتِهِمْ. فَلَمَّا صَرَفَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ إِلَى الْكَعْبَةِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَيَئِسُوا مِنْهُ أَنْ يُوَافِقَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
- وَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِيمَنْ آمَنَ مِنَ الْيَهُودِ. - وَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي أصحاب محمد صلى اللَّه عليه وسلم.
- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، وأخبرنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، الْمَدِينَةَ فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا- وَكَانَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، يحب أن يُوَجّه نَحْوَ الْكَعْبَةِ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ إِلَى آخِرِ} الْآيَةِ. وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ- وَهُمُ الْيَهُودُ-: مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ.
ثُمَّ قَالَ:
- أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُورِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابن عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هوى نبيه صلى اللَّه عليه وسلم، فَنَزَلَتْ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} الْآيَةَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ. ورواه الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: لَأَنَا كُنْتُ أَشَدَّ مَعْرِفَةً برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، مِنِّي بِابْنِي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا ابْنَ سَلَامٍ؟ قَالَ: لِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا يَقِينًا، وَأَنَا لَا أَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِي، لِأَنِّي لَا أَدْرِي مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَفَّقَكَ اللَّهُ يَا ابْنَ سَلَامٍ.
|